‏من الغرائب والعجائب أن يأتي أحدهم وهو يريد أن يدفع الحساب والفاتورة في مطعم أو محل تجاري فيقول لصاحبه ؟! (علي الطلاق إنك ما تدفع) !!.

أو يرغب من ضيفه أو صاحبه أن يأكل أو يزوره أو يسافر معه فيقول:

(علي الطلاق إلا تتغدى أو تتعشى معي ، أو تزورني ، أو تشرب الشاي والقهوة عندي، أو تسافر معي).

وتجده يكثر من لفظ الطلاق في كل صغيرة وكبيرة ، وجليلة وحقيرة ، فيطلق المرة الأولى في أول النهار، ويطلق المرة الثانية في وسط النهار، ويطلق المرة الثالثة في آخر النهار.

الطلاق يا كرام كلمة خطيرة جداً ، يجب البعد عنها ، وعدم التساهل والمزح بها ، وتعظيم أحكام الله تعالى ؛ لأن الطلاق جده جد وهزله ومزحه جد ، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد وذكر منها: الطلاق).

وفي الطبراني بسند حسن عن فضالة بن عبيد: (ثلاث لا يجوز اللعب فيهن: الطلاق والنكاح والعتق).

جاء رجل إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وقال: (يا إمام! إني طلقت امرأتي مائة تطليقة، فقال: ثلاث حرمت عليك، وسبع وتسعون اتخذت بها كتاب الله هزوا).

وجاء رجل إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال: (يا أبا عبد الرحمن! طلقت امرأتي الطلقة الثالثة؟ قال: حرمت عليك.

قال: يا أبا عبد الرحمن لا تفعل يرحمك الله -يعني: لا تطلق علي امرأتي- فقال ابن عمر رضي الله عنهما: أنا أفعل؟ أنت الذي فعلت، إن الله يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}. [الطلاق:2]، وأنت لم تتق الله فلم يجعل لك مخرجا).

قال الإمام الخطابي رحمه الله: اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول: كنت لاعباً أو هازلاً أو لم أنوه طلاقاً ، أو ما أشبه ذلك من الأمور.

وحدثني بعض الموظفين على الحساب في أكثر من مطعم ومحل تجاري بأنه في كل يوم يطلق الناس أمامهم عند دفع الفاتورة.

ووصل أمر التساهل بكلمة الطلاق أن بعض الشباب صغار السن وغير متزوجين يطلقون باستمرار وليس عندهم زوجات ، يقولون علي الطلاق أنا أدفع الفاتورة ، وهذا فيه خطورة عظيمة ، فإنه إذا تساهل بكلمة الطلاق غير المتزوجين من الشباب ؛ فإنهم إذا كبروا في المستقبل القريب فسيطلقون زوجاتهم باستمرار دون أن يشعروا.

وبعض كبار السن أو الشباب يتحجج بحجج واهية ويقول أنا عصبي ما أملك نفسي ، فيطلق لأسباب تافهة وحقيرة ، وبعد ذلك يذهب للعلماء والمشايخ والمفتين ، ويقول ذهبت الزوجة لبيت أهلها ، وضاع الأولاد والبنات ، وبقيت أنا لوحدي فارجعوا لي زوجتي ، ويندم أشد الندم ، ويتحسر أشد الحسرة ، فاتقوا الله وخافوه معاشر الأزواج في زوجاتكم، ولا تجعلوا لحظة غضب تفسد عليكم حياتكم ، وتكدر عليكم معيشتكم ، وابتعدوا عن التساهل بالطلاق ، واللعب بأحكام الله تعالى ، وعدم الاستهزاء بهذه الكلمة ، لأن الطلاق من منكرات الأقوال ، ويجب علينا التناصح بيننا ، والتعاون على البر والتقوى ، وحفظ اللسان عن هذه الألفاظ ، والحرص على سلامة الأسرة والبيت من الانهيار والدمار ، وإذا سمعنا رجل يريد أن يطلق بدون أسباب نوصيه بتقوى الله والخوف منه ، والصبر واحتساب الأجر ، والمحافظة على الأسرة من التفكك والضياع وخصوصاً عند وجود الأبناء.

وقد حذر العلماء في فتاويهم ودروسهم ومحاضراتهم وخطبهم من خطورة التساهل هذا الأمر العظيم.

أتساءل دائماً:

زوجتك المسكينة في بيتها ما ذنبها وما علاقتها وما دخلها بهذا الموضوع حتى تجعلها على لسانك صباح مساء وفي مسائل خطيرة مثل الطلاق ولا حول ولا قوة إلا بالله.